لطالما ظلت مسألة القاعدة في اليمن مسألة نظرية بحتة .. وماحصل من تفجيرات استهدفت مصالح نفطية حكومية او اجنبية كانت دائما من بديهيات الحياة السياسية اليمنية حيث كنا نشتم رائحة السلطة وراء كل حدث .. وبات مع تتالي العمليات ماكان يعرف بتكتيك سلطوي للفت انظار العالم بان هناك بلد ما في العالم يوشك ان ينهار .. وانها رسالة لاعلاقة لها بفوضى تنظيم القاعدة في افغانستان وانها موجهة فقط للغرب .. وان اليمن لايزال نسيجه الامني والسياسي والمذهبي متماسكا ً بما فيه الكفاية .. وان الدنيا عوافي .. والدنيا سبور ...

ولم يكن تنظيم القاعدة يقلقنا اطلاقاً .. وكانت لقمة العيش تتربع على عرش همومنا في هذا الوطن ..والسبب ان أدوات تنظيم القاعدة لاتلفت الانظار في مجتمع كالمجتمع اليمني .. الذي يرتاد المساجد ويحفظ القران ويحمل السلاح في آن واحد .. لذا فمجرد التلويح النظري بان هناك قاعدة في اليمن .. وان البلد يعاني من مجموعة مسلحة تقرأ ايات الجهاد وتدعو لمحاربة اميركا واعوانها كانت فكرة فاقدة التأثير.. ومفعولها على المستويين المحلي والدولي جداً محدود ...

أما وقد رأينا ماحدث في اليومين السابقين .. بمشهد تراجيدي يذكرنا باقليم سوات ووزيرستان وما عــُرض من جنازة لتنظيم القاعدة اقل ما يمكن وصفها بانها بروباجندا مدروسة تجاوزت الخط النظري المرسوم منذ سنوات .. يجعلنا نقف بحذر على مسافة واحدة من طائرات السلطة وضحايا المجزرة من نساء واطفال والتي بثت صورهم في وسائل الاعلام .. حتى ندرس المسألة من زاوية قلقة جدا وحريصة على ان لا يبدأ العد التنازلي لساعة الفوضى في هذا البلد ..

***

لا احد ينكر دهاء السلطة .. وقدرتها على ابتزاز الغرب وربما في نفس الوقت عدم تقديم اليمن للمجتمع الدولي كبلد فاشل .. انما كبلد على وشك الانهيار كل هذه السنوات ... فالفرق بين ان يكون اليمن على وشك الفشل وبين ان يكون فاشلاً طفيف جدا .. وهي شعرة استراتيجية يجيد الرئيس صالح اللعب بها.. وهي ثغرة غنية بالمساعدات والتعاون الامني والاستراتيجي وربما خطوة داعمة لمشروع التوريث ..

وكلنا كان يفهم هذه اللعبة ويحذر ان تتجه الامور الى حيث لايمكن التراجع .. والى حيث تنفلت الامور فيصبح اختراق التنظيمات الارهابية واملاء الاوامر من مقرات الامن القومي غير ممكناً .. ويصبح ماكان يراد منه حالة بينية من التطرف لتخويف الغرب ودول الجوار يسهل اقصاءها بمجرد انتهاء صلاحيتها يصبح تنظيماً متجذراً يحمل الاحقاد تجاه الجميع فيصعب تطويقه في بلد يعيش على حافة الجوع ويوجد به اكثر من 70 مليون قطعة سلاح ومجتمع مؤهل ميدانياً وعقائدياً ويملك من العقيدة والضغينة للسلطة ما يروي عطش التنظيم لمئات السنين ... فينتهي عصر التطرف المؤقت الذي تربى في كنف السلطة نفسها ويبدأ عصر تنظيم عاق ينفذ اجندة معاكسة تماماً لرغبات السلطة .. بل سيصبح ذلك التنظيم الذي نعرفه جميعاً .. تنظيم القاعدة الذي يدار غربياً .. !!!

***

لكن دعونا نأخذ وجهة نظر السلطة فيما حدث .. فالضربة قد لاتكون عشوائية كما يرى البعض .. ولطالما اجاد صالح اقناع الغرب بان هناك ذراع قاعدي للحراك الجنوبي .. ومظهر الجنازة الذي يتوعد فيه احد قادة التنظيم بالانتقام يعطي انطباعاً بان الضربة نجحت فعلا .. ولو كانت عشوائية لكان التشييع شعبي بحت وخال من مظاهر التسلح .. بل ربما كان بامكان طارق الفضلي توظيف الضربة لصالح الحراك وجعل الجنازة حراكية بحتة ترفع فيها اعلام الجنوب وتنادي بفك الارتباط لاقناع الجميع بان الضربة كانت تستهدف الجنوبيين .. لكن الارتباك الواضح على طارق الفضلي وسلبية الحراك تجاه الضربة ومباركة قادة وزعماء الدول للرئيس صالح على نجاحها يجعلنا لانستبعد نجاحها فعلا ً ..

بل و ابعد من ذلك .. حيث يرى البعض بان الضربة استهدفت علي سالم البيض الذي اصبح المطارد رقم 1 عند السلطة .. فالمقايضة قد لاتكون مقنعة .. رأس تنظيم القاعدة في اليمن مقابل علي سالم البيض ... لكن لانستبعد ان يكون الثمن الحد من نشاطاته هناك على الاقل حيث سمعنا مؤخراً عن عمل دؤوب من اجل استصدار ورقة من الامم المتحدة توصي بعمل استفتاء جنوبي مشابه لاستفتاء جنوب السودان .. وهذا ما يخشى منه صالح على كل حال ..


دمتم بود

بالنسبه للموضوع فليس لدي اي تعليق.. لان العمليه المصنوعه اصبحت مفهومه حتي للاطفال..
انها عمليه دعوه غير مباشره للقوات الامريكيه ان تدخل اليمن
يعني باختصار اليمن راح فيها...

ولكني يا سامعي تعجبني طريقتك في الكتابه واسلوبك المثير والمتميز

تقبل مني خالص التقدير والاحترام

_________________

التوقيع

Wenn Wir nicht bereit zu riskieren sind,können wir auch nichts bewegen
Castro

شكــــــــــراً لمروركما ..

كل عـــــــــــــام وانتم بخــــــــــــــير .. و guten Rutsch